كتب واصدارات

كتاب نظام الإسلام


ينهَضُ الإنسانُ بما عندَهُ مِن فكرٍ عَنِ الحياةِ والكونِ والإنسانِ، وَعَن عَلاقَتِهَا جميعِها بما قبلَ الحياةِ الدُنيا وما بعدَها. فكانَ لا بُدَّ مِن تغييرِ فكرِ الإنسانِ الحاضرِ تغييراً أساسياً شاملاً، وإيجادِ فكرٍ آخرَ لَهُ حتّى ينهَضَ، لأَنَّ الفكرَ هو الذي يوجِدُ المفاهيمَ عنِ الأشياءِ، ويركِّزُ هذِهِ المفاهيمَ. والإنسانُ يُكَيِّفُ سلوكَهُ ِفي الحياةِ بِحَسَبِ مفاهيمِهِ عَنْهَا، فمفاهيمُ الإنسانِ عَنْ شخصٍ يُحِبُّهُ تُكيِّفُ سلوكَه نَحْوَه، على النَّقِيضِ مِنْ سلوكِهِ مَعَ شَخْصٍ يُبغِضُهُ وعندَهُ مفاهيمُ البُغْضِ عَنْهُ، وعلى خِلافِ سلوكِهِ مع شخصٍ لا يعرفُهُ ولا يُوجَدُ لَدَيْهِ أيُّ مفهومٍ عَنْه، فالسلوكُ الإنسانيُّ مربوطٌ بمفاهيمِ الإنسانِ، وعندَ إرادتِنَا أَنْ نغيِّرَ سلوكَ الإنسانِ المنخفِضِ ونجعلَهُ سلوكاً راقياً لابدَّ مِنْ أَنْ نغيِّرَ مفهومَهُ أَوَّلاً: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }

خاتمة الكتاب
ومِنْ هُنا كَانَ لِزَامَاً أَن يُرَاعَى في تَقويمِ الفردِ وُجُودُ العَقِيدَةِ، والعباداتِ، والمعاملاتِ، والأَخْلاقِ. ولا يَجُوزُ شَرْعاً العنايةُ بالأَخْلاقِ وَحْدَهَا وتَرْكُ باقِي الصفاتِ، بَلْ لا يَجُوزُ أَن يُعْنَى بشَيءٍ ما قَبْلَ الاطمئنانِ إِلَى العَقِيدَةِ. والأَمْرُ الأَسَاسِيُّ في الأَخْلاقِ هُوَ أَنـَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكونَ مبنيةً عَلَى العَقِيدَةِ الإِسْلامِيَّةِ، وأَن يَتَّصِفَ المؤمِنُ بِهَا عَلَى أَنـَّها أَوَامِرُ ونواهٍ مِنَ اللهِ تعالى.

التعريف بالكتاب
يعتبر كتاب نظام الإسلام من أوائل الكتب التي أصدرها حزب التحرير.

ويتناول الكتاب أبحاثاً في العقيدة والأحكام الشرعية، وفي خاتمة الكتاب تضمن دستور الحزب الذي قدمه للأمة من أجل تطبيقه في دولة الخلافة الراشدة القادمة بإذن الله تعالى.

وقد ناقش الكتاب العقيدة من ناحية كونها حل العقدة الكبرى عند الإنسان، وذلك أن الفكر هو أساس نهضة الإنسان، وتغيير فكر الإنسان الحاضر هو الذي ينهضه، فهو يقول في باب طريق الإيمان: « فكانَ لا بُدَّ مِن تغييرِ فكرِ الإنسانِ الحاضرِ تغييراً أساسياً شاملاً، وإيجادِ فكرٍ آخرَ لَهُ حتّى ينهَضَ، لأَنَّ الفكرَ هو الذي يوجِدُ المفاهيمَ عنِ الأشياءِ، ويركِّزُ هذِهِ المفاهيمَ » .

ولذلك فهو يبحث في طريق الإيمان كيف حل الإسلام العقدة الكبرى عند الإنسان، حلاً يوافِقُ الفِطرةَ، ويَمْلأُ العقلَ قَناعةً، والقلبَ طُمأنينةً، وكيف جعَلَ الإسلام الدخولَ فِيه متوقِّفاً على الإقرارِ بهذا الحلِّ إقراراً صادراً عنِ العقلِ.

ثم يبدأ في مناقشة وجود الله عز وجل وإثبات وجوده إثباتا يقطع به العقل، ثم مناقشة الأدلة العقلية على أن القرآن الكريم من عند الله تعالى، وكذلك إثبات وجود الرسول عليه الصلاة والسلام بالدليل العقلي.

وفي الحديث عن الإيمان بالغيبيات كالبعثِ والنُشورِ والجَنَّةِ والنارِ والحِسابِ والعَذابِ، وبالملائِكَةِ والجِنِّ والشياطينِ وغيرِ ذلك فإنه يثبت وجودها بالعقل ويشرح كيفية إثباتها وإن وردت بالدليل السمعي.

وبعد الحديث عن حل الإسلام للعقدة الكبرى فإنه يقول: « ومتى انتهى الإنسانُ منْ هذا الحلِّ أمكنَهُ أَنْ ينتقِلَ إلى الفكرِ عن الحياةِ الدنيا، وإلى إيجادِ المفاهيمِ الصادقةِ المُنتِجةِ عنها. وكان هذا الحَلُّ نفسُهُ هو الأساسَ الذي يقومُ عليهِ المبدأُ الذي يُتَّخَذُ طريقةً للنُهوضِ، وهو الأساسُ الذي تقومُ عليه حضارةُ هذا المبدأِ، وهو الأساسُ الذي تنبثِقُ عنهُ أنظمتُهُ، وهو الأساسُ الذي تقومُ عليهِ دولتُهُ. ومِنْ هنا كانَ الأساسُ الذي يقومُ عليه الإسلامُ ـ فكرةً وطريقةً ـ هو العقيدةَ الإسلاميةَ. »

وهكذا يناقش الكتاب العقيدة، ثم ينتقل إلى القضاء والقدر مبيناً الفرق بينهما والتعريف الدقيق لكل منهما.

ثم يدخل الكتاب في الباب الثالث منه المعنون بالقيادة الفكرية في الإسلام مبتدءاً البحث في الروابط التي تربط بني البشر كالوطنية والقومية وغيرها، وكيف أنها روابط منحطة وأن الرابطة الصحيحة هي رابطة العقيدة، ثم يبدأ في تعريف المبدأ والحديث عن المبادئ الموجودة في العالم وهي الإسلام والرأسمالية والاشتراكية.

وكذلك يتناول الكتاب أبحاثاً هامة أخرى في الحضارة الإسلامية والأخلاق الإسلامية وكيفية حمل الدعوة.